الشيزوفرينيا هي مرض نفسي يتميز بمجموعة من الأعراض المتغيرة. و تأتي الأوهام و الهلوسة من بين الأعراض المثيرة للعاطفة، بينما هناك أعراض أخرى مُعطِّلة كالانعزال الاجتماعي و الصعوبات الذهنية.
ومن بين طرق العلاج التي يعتمد عليها الأطباء في معالجة الشيزوفرينيا، العلاجات الدوائية و العلاج النفسي. وهذا ما بين نجاعته عند ثلث المرضى. و يحاول الباحثون فهم المرض و عوامل خطره، كما أنهم يحاولون البحث عن تحديد العلامات السابقة للإصابة بهذا المرض و تطوره. و بالتالي الإستعداد للتدخل في أقرب وقت ممكن و الوقاية من حدة هذا المرض.
من بين الإحصائيات في فرنسا مثلا :
- 600000 شخص مريض بالشيزوفرينيا.
- 50% من الأشخاص المصابين قد حاولو على الأقل الانتحار مرة واحدة.
- الإدمان المنتظم على القنب الهندي قبل سن الثامنة عشر يضاعف خطرالإصابة بالشيزوفرينيا بمرتين.
فهم الشيزوفرينيا :
الشيزوفرينيا هي مرض نفسي مزمن و معقد. و الذي يُترجَم تخطيطيا بتصور مضطرب عن الواقع، و بمظاهر إنتاجية مثل الأوهام أو الهلوسة، و مظاهر سلبية مثل الانعزال الاجتماعي و عن العلاقات الإنسانية. في الواقع هناك اختلاف بين حالات المرضى حسب طبيعة و حدّة الأعراض.
أنواع الأعراض الخاصة بالشيزوفرينيا :
هناك ثلاثة أنواع من الأعراض التي تظهر بطريقة مزمنة أو عن طريق نوبات ذهانية.
الأعراض الإيجابية(المُنتِجة) :
هذه الأعراض هي المثيرة للتعاطف، و هي تجمع بين الأوهام والهلوسة، ويمكن أن تتحول إلى شعور بجنون العظمة، الاضطهاد، أفكار وهمية لا تُصدّق و غريبة الأطوار، أو هلوسات حسية غالبا ما تكون سمعية(حيث يسمع المريض أصواتا) أو يرى صورا، أو يشم رائحة معينة أو يحس بلمس شيء ما.
الأعراض السلبية(التي تسبب النقص):
تتمثل في نقص عاطفي وفي المشاعر. حيث يبدأ المريض في الانعزال تدريجيًا عن العائلة، وعن الأصدقاء، و عن الدائرة الاجتماعية. بحيث أنه يتواصل قليلًا، و يُظهِر إرادة محدودة و عاطفية منخفضة.
يحس المري باهتمام وإرادة ناقصتين وبزيادة في اللامبالاة، وهذا يشبه نوعا ما الاكتئاب.
الأعراض الفصامية :
و تتمثل هذه الأعراض في انعدام التنظيم في الأفكار والكلمات، الأحاسيس، لغة الجسد(السلوكات الجسدية). حيث يلاحظ اضطراب في انسجام ومنطق الكلام، ويلاحظ شرود المريض و عدم انتباهه، وإيجاد صعوبة في التركيز، التذكر، الفهم و الإستيعاب. علاوة على أن المريض يجد صعوبة في التخطيط للأعمال البسيطة مثل إنجاز عمله أو الذَّهاب إلى التسوق، وهو ما يمثل إعاقة كبيرة في تنفيذ متطلبات الحياة اليومية.
تبدأ الشيزوفرينيا في الظهور بعد نوبة ذهانية إفتتاحية لم يتم ملاحظتها أو معالجتها للأسف. تتطور بعد ذلك إلى تطور متقلب مع أعراض مزمنة، ينضاف إلى ذلك نوبات من الذهان الحاد. بعد ذلك يمكن للمريض أن تستقر حالته بأعراض(RESIDUEL D INTENSITE) متبقية الحدة تتغير حسب الأشخاص.
يختلف تكهن المرض (مستقبل المرض) حسب مميزات الفصام و علاجه المبكر.
ملاحظة : هناك بعض المرضى المصابين بالفُصام الذين يشكلون خطرا على أنفسهم، لكنهم يُشكّلون أقلية، و يتميز هؤلاء المرضى بالعنف خلال النوبات.
نصف المرضى المصابين بالفصام يحاولون الإنتحار، حيث أن من 10 إلى 20% يموتون خلال محاولات الانتحار.
اقرأ أيضا : الاكتئاب الذهاني، أعراضه و علاجه.
أسباب مرض الشيزوفرينيا :
ترجع الإصابة بالشيزوفرينيا إلى عدة عوامل. حيث أن تطور هذا المرض ناتج عن تفاعل بين الجينات والمحيط، وخصوصا إذا كان هناك ضعف على مستوى الجينات و تُعجّل بظهوره العوامل المحيطية.
السبب الجيني :
يوجد نوعان من الإستعداد للإصابة بمرض الفصام، من جهة أولى بعض التغيرات الجينية التي تكون سببا في تطور المرض في حالة التعرض لبعض عوامل المحيط. رغم ذلك، فتأثيرها البسيط يجعل تحديدها صعبا. و من جهة أخرى، تَمّ إرجاع سبب المرض إلى طفرات غير متكررة، نادرة لديها تأثير كبير على خطر تطوير الفصام.
هذه الطفرات تصيب بشكل رئيسي الجينات المسؤولة عن مرونة العصبونات والجينات المسؤولة عن اضطرابات نمو الأعصاب.
على العموم، يبقى دور العامل الوراثي محدودًا في الإصابة بالفصام. فمثلا عند التوأم الذين يحملون نفس الخبر الوراثي، إذا أصيب أحدهم بالفصام، فإن نسبة إصابة الثاني بالفصام تبقى حوالي 40%.
عامل المحيط و الضغوط النفسية و الإدمان على القنب الهندي :
هناك عدة عوامل محيطية يمكن أن تحفز تطوير مرض الشيزوفرينيا، و خصوصا عند الفترة الحرجة للمراهقة و بداية سن البلوغ.
هناك أعمال بحث تبين أن الأسباب التي تؤثرعلى تطور الدماغ (مثل مشاكل في طور نمو الجنين بسبب عدم توافق الريزوس و مضاعفات مرتبطة بالإصابة بالانفلونزا أثناء الحمل).
كل هذه العوامل ترفع من نسبة الإصابة بالشيزوفرينيا، لكن التأثير يبقى ضعيفا. وقد أثبت الأطباء أن الاضطرابات المبكرة في النمو هي عوامل محفزة لظهور اضطراب الفصام.
هناك عاملين اخرين يعجلان بظهور الاضطراب الذهاني و هي :
الضغط النفسي : يمكن للضغط النفسي أن يخرب مجموعة من الميكانيزمات البيولوجية(تكوين الأعصاب، نشاط عوامل النمو وحياة العصبونات)على مستوى مجموعة من بنيات الدماغ(لوزة الحلق، القشرة الجبهية، قرن آمون أو حُصَين الدماغ)، وهذا ما يفسر الإصابة بنسبة عالية للمرض في الأوساط الحضرية، وبالنسبة للأشخاص الذين لهم تجارِب مع الهجرة و خاصة خلال مرحلة الطفولة والمراهقة.
استهلاك المواد المخدرة مثل القنب الهندي :
الدلتا9 تتراهيدروكانابينول (THC)، هذه المادة تؤدي إلى اضطراب في نضج الدماغ، وذلك بالتأثير على المستقبلات التي تهيجها. هذه المستقبلات تتواجد بكثرة في مناطق الدماغ التي تصاب بالأمراض النفسية، وخصوصا في مناطق الدماغ. حيث أن مرونة العصبونات تكون ضرورية في مرحلة المراهقة.
خلاصة : استهلاك القنب الهندي يرفع نسبة الإصابة بالشيزوفرينيا إلى الضعف، لكن مع اختلاف الحالات حسب الأشخاص و تختلف الإصابة حسب الجرعة، نسبة تركيز THC، وسن الاستهلاك.
هناك بعض العوامل التي تتدخل في الإصابة بالشيزوفرينيا مثل : جودة النوم، التغذية، و التزود بعوامل التغذية العصبية التي تحفز النمو والمحافظة على حياة العصبونات مثل حمض الفوليك.
الأعراض الذهانية الأولى التي تؤدي إلى التشخيص :
الشيزوفرينيا هي مرض صعب في التشخيص، فليس من الغريب أن تلاحظ تشخيص المرض بعد مرور سنوات من تطور المرض.
تتمثل صعوبة التشخيص في تنوع أعراض المرض التي تتشابه أحيانا مع أعراض الاكتئاب، اضطراب القلق الحاد، أو الاضطراب ثنائي القطب.
أعراض المرض عند الأشخاص البالغين هي كأعراض المرض عند الطفل و المراهق و تتمثل في :
- الأوهام.
- الهلوسة(معتقدات خاطئة ناتجة أساسًا عن تأويل خاطئ للتمثلات و التجارِب الشخصية).
- جنون العظمة : الاعتقاد غالبا أن الآخرين يفعلون الشر و يتحكمون في أفكارهم.
تكون الأعراض قادرة على الظهور تدريجيًا عند الطفل، بخلاف البالغ والمراهق حيث تكون الأعراض أكثر حدة، بالإضافة إلى اضطرابات في التفكير.
عند المراهقين يكون الانطواء على الذات والإحساس بمشاعر غير اعتيادية من العلامات الإضافية على العلامات السالفة.
تشخيص الشيزوفرينيا :
- تقييم الأعراض داخل الزمن.
- فحوص لتفريق الشيزوفرينيا عن باقي الأمراض: ليس هناك فحوص خاصة بالنسبة للفصام. حيث أن الأطباء يقومون بإنجاز تشخيص شامل للأعراض داخل الزمن.
يقوم الأطباء بإجراء فحوص لتحديد الأمراض العضوية الأخرى التي تتشابه أعراضها مع أعراض مرض الشيزوفرينيا مثل التعفنات، التمزقات والأورام في الدماغ، الأمراض المنعاتية الذاتية، واستعمال بعض الأدوية أو المخدرات(مثل الكورتيكويد والمخدرات الأخرى).
علاج مرض الفصام :
تستعمل في علاج المرض العلاجات التالية :
- الأدوية المضادة للذهان.
- إعادة التأهيل الاجتماعي والمهني.
- العلاج النفسي والتعليمي.
لا يمكن الاستشفاء من الفصام نهائيًا، بينما يمكن التحكم في الهلوسة و الأوهام عن طريق الأدوية المضادة للذهان، مثل
هالوبيريدول، أولانزابين، كويتيابين، ريسيبيريدون الذي يباع بإسم ريسيبردال.
يكون الأطفال حساسين بالنسبة للأعراض الجانبية لمضادات الذهان. وتتمثل الأعراض الجانبية في الارتعاد، بطء الحركة و الاضطرابات الحركية و متلازمة الأيض(مثل السمنة، السكري من النوع الثاني و اختلال في تركيز الدهون في الدَّم).
خاتمة :
تُسمّى الشيزوفرينيا أيضا بالفصام، أو في بعض الحالات السكيتسوفرينا، و يرتكز علاجها على أخذ مضادات الذهان.
إذا أعجبتك المقالة، شاركها مع أصدقائك في وسائل التواصل الاجتماعي.